أكد رئيس السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي, سمير بورحيل, يوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة, أن الإمكانيات التي توفرها الدولة وتوجيهات رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, تشكل فرصة لبناء نموذج وطني رائد يوفق بين الابتكار الرقمي وصون الحياة الخاصة في مجال التأمينات, وهو ما يجعل من حماية المعطيات الشخصية إحدى ركائز التقدم التكنولوجي.
جاء هذا في كلمة له خلال ورشة بعنوان "حوكمة البيانات, الامتثال لأحكام القانون 18-07, وتحديات الذكاء الاصطناعي في شركات التأمين", نظمه الاتحاد الجزائري لشركات التأمين وإعادة التأمين والمجلس الوطني للتأمينات, بالتعاون مع السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي, وبحضور إطارات من شركات التأمين واعضاء عن السلطة الوطنية.
ولفت السيد بورحيل لمخاطر الانحراف المحتملة في ظل تسارع الابتكارات الرقمية, خاصة ما تعلق بالذكاء الاصطناعي والاستغلال واسع النطاق للبيانات, مؤكدا أنه "لا يمكن لأي تقنية, مهما بلغ تطورها, أن تبرر انتهاك حرمة البيانات الشخصية". وأوضح المسؤول أن إدارة البيانات وصون الخصوصية لم تعد من القضايا الثانوية, بل أصبحت في صلب "ميثاق الثقة" الذي يقوم عليه العقد الاجتماعي داخل المجتمعات الحديثة, مبرزا أن قطاع التأمين له "مسؤولية مضاعفة" باعتباره مستودعا لملايين المعطيات ذات الطابع الشخصي, ما يجعله في طليعة المؤسسات المعنية بحمايتها من المخاطر السيبرانية, والتسريبات, والولوج غير المرخص.
وأشار في هذا السياق إلى أن الحفاظ على ثقة الزبائن وتفادي التحديات القانونية وضمان الوفاء بالالتزامات التعاقدية "يتطلب توازنا دقيقا" بين متطلبات النشاط التأميني والامتثال للمعايير الدولية, إلى جانب اعتماد مبادئ الشفافية, والتقليل من جمع البيانات, وتعزيز الأمن السيبراني.
وذكر رئيس السلطة أن المعطيات الشخصية تمثل جوانب حساسة من حياة الأفراد, معتبرا أن تسليم هذه البيانات لشركات التأمين هو في جوهره "منح للثقة" يستوجب أقصى درجات المسؤولية. وهنا, أبرز السيد بورحيل أهمية القانون رقم 18-07 المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي, لافتا إلى ضرورة توخي الشفافية والتميز في الجانب المتعلق بالممارسة. جهود لتعزيز الابتكار في قطاع التأمينات من جانبه,
وفي كلمة ألقاها نيابة عنه مدير الدراسات سرحان عترون, أكد أمين المجلس الوطني للتأمينات, عبد الحكيم بن بوعبد الله, أن استخدام الذكاء الاصطناعي لا يخلو من مخاطر, كتلك المرتبطة بالأمن والخصوصية, وانتحال الهوية ونشر الأخبار الكاذبة أو المضللة, داعيا إلى ضرورة الاستفادة من هذه التقنية لمواجهة التحديات في إطار التشريع الساري المفعول.
وفيما يتعلق بالقانون رقم 18-07, أوضح أن المجلس بادر فور صدور النص بمراسلة جميع المتعاملين في سوق التأمينات الخاضعين لأحكامه, قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الامتثال لتدابير النص. وقامت في ذات السياق العديد من الشركات بتنظيم برامج تكوين لموظفيها, وإطلاق حملات إعلامية, وتكييف وسائلها التواصلية والتجارية, فضلا عن مراجعة إجراءاتها الداخلية, بهدف ضمان توافقها مع أحكام القانون.
بدوره, اعتبر رئيس الاتحاد الجزائري لشركات التأمين وإعادة التأمين, يوسف بن ميسية, أن التحول الرقمي المتسارع واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي يشكلان فرصة حقيقية للابتكار وتحسين الأداء, غير أنهما يفرضان في المقابل تحديات جديدة مرتبطة بأمن المعطيات والشفافية وحمايتها.
وفي هذا الإطار, أبرز دور الاتحاد في هذا المجال من خلال إطلاق برامج تدريب وتوعية مستمرة, تهدف إلى بناء نهج مسؤول في مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي, مع تنظيم عدة ملتقيات متخصصة حول هذا الموضوع.
كما أضاف أن الاتحاد أنشأ مؤخرا لجنة متخصصة للامتثال في مكافحة غسل الأموال وحماية المعطيات الشخصية, تهدف إلى إعداد إطار عام ودليل موحد للامتثال, يمكن لشركات التأمين الاستفادة منه, إلى جانب البرامج التكوينية المصاحبة.
وأضاف أن الاتحاد بادر كذلك بإطلاق مركز للذكاء الاصطناعي, بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية وتقنية, لدعم الابتكار وتعزيز القدرات, والمساهمة في سد الفجوة بين الوسط الأكاديمي والقطاع المهني.

